
أخبار بلا حدود- شهد سعر الأورو خلال الأسبوع الجاري ارتفاعًا قياسيًا في السوق الموازية بالجزائر، حيث بلغ 290 دينارًا جزائريًا، في قفزة مفاجئة أثارت قلق المتعاملين والمواطنين.
وفي المقابل، ظل السعر مستقرًا في البنوك الرسمية عند حدود 150 دينارًا فقط، ما يعكس فجوة كبيرة بين السوقين ويطرح تساؤلات حول أسباب هذا الاختلال وتأثيراته المباشرة على الاقتصاد الوطني.
ونفى الخبير الاقتصادي أحمد خليفة ارتباط الارتفاع الأخير للمسكوكات الأجنبية بالمناسبات الدينية مثل العمرة والحج، مؤكدًا أن ما يتم تداوله في هذا السياق مجرد تفسيرات سطحية لا تعكس الواقع الاقتصادي.
وأشار إلى أن العوامل الحقيقية وراء هذا الارتفاع مرتبطة بعوامل اقتصادية أعمق وسياسات مالية حسّاسة تؤثر على سلوك المتعاملين في سوق الصرف.
وأوضح الأستاذ أحمد خليفة أن تصريحات عدد من المسؤولين، إلى جانب القوانين الاقتصادية الجديدة وعلى رأسها قانون المالية 2026، لعبت دورًا كبيرًا في زيادة التذبذب.
ولجوء الجزائر إلى الاستدانة الداخلية خلق مخاوف لدى المواطنين وأصحاب رؤوس الأموال، ما دفع العديد منهم إلى تحويل مدخراتهم نحو الأورو باعتباره ملاذًا آمنًا، وهو ما زاد الطلب عليه بشكل ملحوظ.
وأشار الخبير إلى أن تحويلات الجالية الجزائرية في الخارج تُعد عنصرًا مؤثرًا في استقرار العملة الصعبة، إلا أن ضعف التسهيلات البنكية وغياب التحفيزات أدى إلى عزوف المغتربين عن استخدام القنوات الرسمية.
هذا الأمر جعل قيمة الأموال المتدفقة نحو الجزائر أقل بكثير مما يمكن تحقيقه، لتحتل البلاد – حسب قوله – المرتبة السابعة عالميًا من حيث ضعف جاذبية استقطاب العملة الصعبة.
وساهمت الأخبار الاقتصادية المقلقة في دفع عدد كبير من المدخرين إلى التخلي عن الدينار والتحول نحو الأورو، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الطلب مقابل انخفاض المعروض.
وفي الجانب الآخر، لعب المضاربون دورًا مباشرًا في إشعال الأسعار من خلال سحب الأورو من السوق واحتكاره، بهدف طرحه لاحقًا بأسعار أعلى، ما سرّع وتيرة الارتفاع وزاد من اضطراب السوق الموازية.
وأدى صدور قانون استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات إلى زيادة الضغط على العملة الأوروبية، حيث اندفع الكثيرون نحو شراء الأورو لتمويل عمليات الاستيراد، وهو ما ساهم في ارتفاع غير مسبوق في الطلب والضغط على السوق.
ورغم استقرار سعر الأورو في البنوك، إلا أن الفجوة الكبيرة التي تفوق 140 دينارًا بين السوق الرسمية والموازية تعكس خللًا واضحًا في منظومة الصرف.
هذه الفجوة تنعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطن، أسعار السلع المستوردة، تكاليف السفر، العلاج، والدراسة بالخارج، حيث يجد المستهلك نفسه مضطرًا للتعامل بالسعر المرتفع في السوق الموازية.
إن استمرار الارتفاع الحاد في سعر الأورو بالسوق السوداء يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل السياسة النقدية في الجزائر، ومدى قدرة الإصلاحات المالية على تقليص الفجوة بين السوق الرسمية والموازية. وبينما تتعدد الأسباب، يبقى المواطن المتضرر الأكبر من هذا الاضطراب المستمر.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.
أخبار بلا حدود الاخبار على مدار الساعة