أخبار بلا حدود- عاد الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، الشهير باسم “حسان”، إلى صدارة المشهد الأمني في الجزائر، بعد سنوات من الغياب، حيث أصبح رسميا مديرًا عامًا للأمن الداخلي، وهو أقوى أجهزة المخابرات الجزائرية.
وورد في بيان لوزارة الدفاع الوطني، أن الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أشرف صبيحة اليوم، على مراسم التنصيب الرسمي للعميد آيت وعرابي عبد القادر، المعروف باسم “الجنرال حسان”، مديرًا عامًا للأمن الداخلي، خلفًا للعميد حداد عبد القادر.
ويأتي تعيين العميد آيت وعرابي عبد القادر في ظرف إقليمي ودولي كثير التحديات، خاصة في جوار الجزائر الجنوبي والشرقي، حيث باتت الأوضاع في منطقة الساحل وسلوك قادة هذه الدول اتجاه الجزائر، مثيرا للتساؤلات الأمنية، في وقت تشهد هذه المنطقة نشاطا غير مسبوق للجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
خارج ذلك، تمثل عودة الجنرال حسان للواجهة، بالنسبة لشخصه، نوعا من إعادة الاعتبار، بعد مسار متعرج تقلد فيه أعلى المناصب في جهاز المخابرات قبل أن ينتهي إلى السجن في فترة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح.
وفي سيرته المختصرة، بدأ الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المولود عام 1947 مسيرته العسكرية في البحرية الجزائرية خلال ستينيات القرن الماضي، حيث تلقى تعليمه في مدارس عسكرية مرموقة. التحق لاحقًا بمديرية أمن الجيش قبل أن يبرز اسمه في مجال مكافحة الإرهاب منذ سنة 1992، وهو المجال الذي قاده إلى تولي مناصب قيادية حساسة داخل الجهاز الأمني، قبل أن يُعين في 21 مايو/أيار 2025 مديرًا عامًا للمديرية العامة للأمن الداخلي.
مع بداية الحرب الأهلية الجزائرية في عام 1992، والمعروفة بـ”العشرية السوداء”، التحق الجنرال حسان بجهاز مكافحة الإرهاب، حيث عُرف بمغامرته وجرأته، لكن أيضًا بعقليته العقلانية والانضباطية. تميز بقربه من رجاله، حيث كان يشاركهم المهام الميدانية على الأرض، وتعرض شخصيًا للإصابة في حاجز إرهابي مزيف بمنطقة البليدة.
وفي عام 1993، تولّى مهام استخباراتية خارجية حساسة في كل من منطقة الساحل الإفريقي، وبلدان مثل تشاد والسنغال، ما أكسبه خبرة استراتيجية عميقة في شؤون الأمن الإقليمي. كما أُصيب بجروح خطيرة خلال مهمة في أنغولا، ونال على إثرها تهنئة الأمين العام للأمم المتحدة لشجاعته.
عاد الجنرال حسان إلى الجزائر سنة 1999 ليواصل مشواره في مكافحة الإرهاب، حيث ساهم، بفضل خبرته الدقيقة في مجال الاختراق والتجنيد الاستخباراتي، في إحباط العديد من العمليات الإرهابية المعقدة داخل البلاد وخارجها، ما جعله يحظى بإعجاب وتقدير شركاء دوليين، أبرزهم فرنسا والولايات المتحدة.
ورغم الأوسمة والاعترافات التي نالها، كانت النقطة المفصلية في مسيرته العملية هي أزمة تيقنتورين سنة 2013، عندما استهدف مسلحون موقعًا لإنتاج الغاز بمنطقة عين أمناس في الجنوب الشرقي، ما أدى إلى مقتل 37 رهينة معظمهم أجانب، و29 إرهابيًا بعد تدخل قوات “سكورات” الخاصة التي كانت تحت إمرته. ورغم نجاح العملية في إنهاء الأزمة، فقد فتحت عليه باب الانتقادات والاتهامات.
وكانت أبرز محطات مسيرته العملية الاستخباراتية في ليبيا عام 2013، عقب هجوم تيقنتورين (الهجوم الإرهابي على قاعدة غازية جنوب شرق الجزائر)، حيث كلفه الجنرال محمد مدين (توفيق) بمهمة سرية لاسترجاع أسلحة خطيرة، من بينها صواريخ مضادة للطيران، كانت موجهة لجماعة يقودها مختار بلمختار. نجح رجاله في اختراق الجماعة، والمشاركة في صفقة الأسلحة، ثم القضاء على عناصرها واسترجاع العتاد والمال، في عملية نوعية لم تكن بعلم قائد الأركان آنذاك، أحمد قايد صالح، الذي شعر بالإهانة وقرر ملاحقته قضائيًا.
لكن تلك العملية كانت وبالا على الرجل، ففي 27 أوت 2015، أُودع الجنرال حسان سجن البليدة العسكري بأمر من قايد صالح، ووجهت إليه تهم تتعلق بإتلاف وثائق ومخالفة التعليمات العسكرية، وهي قضايا مصنفة ضمن “أسرار الدفاع”. حكم عليه بالسجن خمس سنوات قضاها كاملة حتى 28 نوفمبر 2020، وبعد إطلاق سراحه، عاد إلى شقة متواضعة في حي عسكري بأعالي العاصمة، وفق ما ترويه مجلة لوبوان الفرنسية. وفي عام 2021، تمت تبرئته رسميًا، واستعاد ممتلكاته واعتباره المهني.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.