
أخبار بلا حدود- في ظل تطورات المشهد الاقتصادي في الجزائر، أصدرت السلطات تنظيمًا جديدًا يثير الجدل في أوساط المواطنين، وخاصةً الناشطين في مجال التجارة الإلكترونية.
القرار الجديد الصادر بتاريخ 30 مارس 2025، يحدد معايير جديدة لتصنيف المعاملات المالية في الحسابات البريدية كأعمال تجارية، ويُخضع أصحابها لاحتمالية المتابعة الضريبية.
- مضمون القرار الجديد: متى تُعتبر المعاملة تجارية؟
حسب المادة الثانية من القرار الوزاري المشترك، تُعتبر المعاملات المالية “ذات طبيعة تجارية” إذا تحققت فيها الشروط التالية:
- أن تكون ثلاث معاملات مالية أو أكثر خلال نفس السنة المدنية.
- أن تهدف إلى تحقيق الربح.
- أن تكون ذات طبيعة متكررة أو منتظمة.
وبموجب هذا القرار، يُمنح أعوان البريد والقباض صلاحيات تقديرية لرصد الحسابات المشبوهة وإبلاغ مصالح الضرائب في حال الاشتباه في وجود نشاط تجاري غير مصرح به.
- من هم المعنيون بهذه الإجراءات؟
المستهدف الأول من هذا القرار هم الأشخاص الذين لا يمتلكون سجلًا تجاريًا، ولكن يقومون ببيع سلع أو خدمات عبر الإنترنت، أي ما يُعرف بالتجارة الإلكترونية (E-commerce). ويشمل ذلك:
- بائعو المنتجات عبر مواقع التواصل.
- ناشطو التجارة الفردية على منصات البيع المحلية.
- من يتلقون حوالات مالية متكررة من أطراف متعددة، دون توضيح مصدرها.
وفي المقابل، أكدت مصادر مطلعة أن الأشخاص الذين يتلقون تحويلات مالية ثابتة من مؤسسات رسمية أو ذات صلة بالرواتب الشهرية، لن يُصنفوا ضمن الفئة المستهدفة بهذا القرار.
- لماذا هذا القرار الآن؟ خلفيات اقتصادية ضاغطة
السلطات الجزائرية تسعى جاهدة لمحاربة السوق السوداء، التي يُقدّر حجمها بحوالي 97 مليار دولار، أي ما يمثل 25% من الاقتصاد الرسمي، وفقًا لما ورد في قانون المالية لسنة 2024. كما تواجه الجزائر تحديات اقتصادية تتمثل في:
- انخفاض أسعار البترول.
- ارتفاع نسبة العجز في الميزانية.
- ضعف في تحصيل الضرائب من التجار غير النظاميين.
وبالتالي، تسعى الحكومة لتوسيع الوعاء الضريبي عبر تقنين المعاملات المالية المشبوهة وملاحقة النشاطات التجارية غير المصرّح بها.
- ما هي الخيارات المتاحة للتجار والناشطين في الإي كوميرس؟
للناشطين في التجارة الإلكترونية، تُوجد خياران قانونيان لتسوية أوضاعهم:
1. بطاقة المقاول الذاتي:
مثالية للمبتدئين وذوي المداخيل المتوسطة.
ضرائب مخفّضة جدًا: فقط 0.5% من رقم المعاملات خلال أول 3 سنوات.
لا حاجة لمقر تجاري رسمي في البداية.
2. السجل التجاري:
مناسب للمهنيين والمتمرسين في التجارة.
يتطلب مقرًا حقيقيًا (محل، مكتب…).
الضرائب تتراوح بين 5% إلى 12% حسب النشاط.
- التحذيرات والنصائح:
أي مبررات غير منطقية أو غير موثقة لمصدر الأموال قد تؤدي إلى تجميد الحسابات أو فتح تحقيقات قضائية.
السلطات المالية تملك صلاحيات واسعة بموجب القانون، ولا تتهاون مع المخالفين.
ينصح الخبراء باللجوء إلى استشارة محاسبين أو أصحاب خبرة قبل اتخاذ أي خطوة.
- كلمة أخيرة:
يأمل الكثير من الشباب الناشط في التجارة الرقمية أن تُراعي الدولة أوضاعهم، وأن تُرافقهم بإعفاءات أو تسهيلات خلال السنوات الأولى، بدلًا من المتابعة الفورية أو فرض الضرائب القاسية منذ البداية.
ومع ذلك، فإن الخطوة نحو العمل المنظم والقانوني أصبحت اليوم أكثر من ضرورية، سواء لحماية النشاط التجاري من المشاكل القانونية، أو لضمان الثقة والمصداقية مع الزبائن.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.