
أخبار بلا حدود- شرعت مديريات التربية عبر مختلف ولايات الوطن في تنفيذ جملة من الإجراءات التنظيمية الهامة، تحسبا للموسم الدراسي المقبل 2025/2026، والتي تمس مجال التوظيف والتأطير، إذ دعت في هذا الشأن خريجي المدارس العليا للأساتذة، إلى أهمية إيداع ملفاتهم انطلاقا من تاريخ الـ7 جويلية الجاري، لأجل البدء في عملية توظيفهم مباشرة في مختلف الأطوار التعليمية الثلاثة، بناء على عقد الالتزام الموقّع.
وجّهت مديريات التربية للولايات، نداء إلى الأساتذة خريجي المدارس العليا دفعة 2025، تحثهم من خلاله على أهمية التقرب من مصالح المستخدمين من أجل إيداع ملفاتهم الورقية، بدءا من الاثنين 7 جويلية الجاري وإلى غاية الـ10 منه، قصد الانطلاق بصفة رسمية في تجسيد إجراءات توظيفهم في مناصب قارة في مختلف مستويات الأطوار التعليمية الثلاثة “ابتدائي ومتوسط وثانوي”.
وإلى ذلك، لفتت نفس المصالح إلى أن الأساتذة مطالبون وجوبا بتقديم ملف توظيف يضم مجموعة وثائق، ويتعلق الأمر بطلب خطي، صورتين شمسيتين، شهادة البكالوريا، شهادة التخرج “ثلاث نسخ”، كشف نقاط المسار الدراسي لجميع المستويات، عقد الالتزام “أربع نسخ”، شهادة الميلاد “ثلاث نسخ”، شهادة عائلية للمتزوجين “ثلاث نسخ”، بطاقة الإقامة “ثلاث نسخ”، شهادتين طبيتين “عامة وصدرية”، ثلاث نسخ من بطاقة التعريف الوطنية، ثلاث نسخ عن بطاقة الضمان الاجتماعي، صك بريدي مشطوب “ثلاث نسخ”، وثيقة إثبات الوضعية تجاه الخدمة الوطنية وكذا ظرفان بريديان عليهما العنوان الشخصي.
وفي نفس السياق، أبرزت مصادر “الشروق”، بأنه على الرغم من أن المدارس العليا للأساتذة تعتمد على نظام توظيف مباشر بعد التخرج، كما أن هذا المسار مضمون نظريا، إلا أن عملية التعيين الفعلي أصبحت في السنوات الأخيرة محفوفة ببعض العقبات، ليس بسبب إخلال الخريجين بالتزاماتهم، بل نتيجة “اختلال” في توزيع المناصب المالية وغياب التنسيق أحيانا.
- توظيف خريجي المدارس العليا.. امتياز نظري وإشكالات ميدانية
ونظرا لمحدودية المناصب المالية الشاغرة فعليّا، فقد تم في السنوات الأخيرة الماضية استدعاء خريجي المدارس العليا، والذين تأخر تعيينهم، لاستكمال إجراءات توظيفهم، بأطوار تعليمية غير مطابقة لتكوينهم الأصلي، لعدة أسباب من أبرزها غياب التخطيط الإستراتيجي المتوازن بين عدد الخريجين واحتياجات المؤسسات التربوية حسب الأطوار والمواد.
ومن أبرز هذه النماذج، فقد تم تعيين، في سنوات فائتة، خريجي المدارس العليا لمادة الفلسفة، في مناصب تعود للطور الابتدائي أو المتوسط، بدل الطور الثانوي الذي تكوّنوا لأجله، هذا التنصيب “غير المطابق” أثار موجة استياء في أوساط المعنيين، إذ أنه لا يمكن للأستاذ المتخصّص في الفلسفة أن يحقق ذاته أو يوظف مهاراته البيداغوجية في تعليم تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي، على سبيل المثال وليس الحصر.
وبالرغم من أن هذه التعيينات تبقى مؤقتة، وتجرى فقط في انتظار تسوية الملفات أو فتح مناصب مالية جديدة، إلا أن الأساتذة متخوفون من تحوّل هذه المناصب إلى دائمة، الأمر الذي يعمّق الشعور بعدم الإنصاف، ويفتح المجال أمام التساؤل حول مدى فعالية آليات ضبط المناصب واحتياجات المؤسسات على المديين المتوسط والطويل.
وفي ظل هذا الوضع، لا تزال عشرات الملفات عالقة على مستوى مديريات التربية، خاصة تلك المتعلقة بخريجي دفعات 2022 و2023 من المدارس العليا، الذين لم تبتّ ملفاتهم بعد، إما لعدم توفر المناصب المالية، أو لوجود إشكالات إدارية في ملفاتهم.
ومن هذا المنطلق، فقد رافع متتبعون للشأن التربوي لأجل اعتماد حزمة من الإجراءات لحل إشكالية توظيف المدارس العليا بشكل جذري، من خلال اقتراح إعادة ضبط عدد المقاعد البيداغوجية في المدارس العليا، بناء على حاجات فعلية واقعية ومحيّنة، إلى جانب إطلاق قاعدة بيانات وطنية موحّدة للمناصب الشاغرة، تحدّث باستمرار، وتشرف عليها لجنة مركزية تضم ممثلين عن المديريات والنقابات ومفتشين.
بالإضافة إلى اقتراح تفعيل آليات التحويل الداخلي المؤقت حسب التخصّص، مع ضمان العودة للطور الأصلي بمجرد توفر المنصب، عبر محضر إداري واضح، وكذا تفعيل خلية يقظة على مستوى الوزارة لتسريع تسوية الملفات العالقة.
- الحركة التنقلية بين الحق في الانتقال وهاجس الشغور
وفي سياق مغاير، فقد انطلقت أيضا مديريات التربية للولايات، في تنظيم الحركة التنقلية السنوية للأساتذة، وهي عملية جد حساسة، تهدف إلى تلبية طلبات التنقل من جهة، وضمان التوازن في توزيع التأطير من جهة أخرى، إلا أن ما يعيق هذا المسار سنويا هو تأخر ضبط القوائم الدقيقة للمناصب المالية الشاغرة، ما قد ينعكس سلبا على شفافية الحركة وإنصاف الموظفين.
وفي هذا الإطار، صرح بعض الأساتذة ممن أودعوا طلبات النقل منذ سنوات، أنهم لم يستفيدوا إلى اليوم من حقهم في الانتقال، بحجة “عدم توفر مناصب”، بينما الواقع يكشف شغورا فعليا في مؤسسات تربوية قريبة، لذلك، طالبوا القائمين على الوزارة الوصية بأهمية إشراك النقابات المستقلة والمفتشين في تتبّع العملية وضمان شفافيتها.
- التعداد الحقيقي للمناصب الشاغرة.. بين الورقي والميداني
وبالإضافة إلى ما سبق، أشارت مصادرنا إلى التحدّيات المتكررة سنويا، والمتعلقة أساسا بالفجوة بين الأرقام التي ترفع مركزيا بشأن المناصب المالية الشاغرة، والواقع الميداني للمؤسسات التعليمية، فبينما تعلن بعض المديريات عن الاكتفاء الذاتي في بعض المواد، يعاني تلاميذ في مؤسسات تربوية بمناطق نائية من غياب أساتذة طوال فصل دراسي كامل.
ويعود هذا الاختلال، حسب المتابعين للشأن التربوي، إلى غياب قاعدة بيانات موحّدة ودقيقة تحدّث باستمرار، وإلى ضعف التنسيق بين المصالح الإدارية والمفتشية، إلى جانب تأخر عمليات الإحالة على التقاعد أو عدم إعلان الأساتذة المستفيدين من العطلة المرضية طويلة الأمد، ما يجعل من ضبط المناصب المالية الشاغرة عملية غير دقيقة في الكثير من الأحيان.
إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.