
أخبار بلا حدود- عاد العاهل المغربي محمد السادس إلى سياسة “اليد الممدودة” للجزائر التي لطالما استعان بها لعل البلد الجار يلتفت، لكنه ظل متمسكا متعنتا بالمخطط الوهمي الذي لطالما سوّق له «المخزن»، متعنتا في اعتبار مسطرة “الحكم الذاتي” الوهمية هي الأصح.
و في خطاب بمناسبة عيد العرش، قال محمد السادس أن المغرب التزم بالانفتاح على جواره الإقليمي، وخاصة الجزائر، مجددًا دعوته لحوار صريح ومسؤول بين البلدين.
وقال في هذا الصدد:”الشعب الجزائري شعب شقيق تربطه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة”.وأضاف: “حرصت دوماً على مد اليد لأشقائنا في الجزائر لحوار أخوي وصادق حول مختلف القضايا العالقة”.
وأشار العاهل المغربي إلى أن بلاده تظل متمسكة بـالاتحاد المغاربي، معتبرًا أنه “لن يكون ممكنًا دون انخراط المغرب والجزائر معًا”.
لكن دعوته هذه تأتي في ظل قطيعة دبلوماسية متواصلة، ومحاولات متكررة من جانب المغرب لتدويل النزاع حول الصحراء الغربية ومواصلة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وقال محمد السادس إن المملكة تعتز بما وصفه بـ”الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء الغربية كحل وحيد للنزاع”، مؤكدًا حرصه على “حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.
غير أن هذا الطرح يصطدم بموقف الجزائر الثابت بضرورة احترام حق تقرير المصير، باعتباره مبدأً جوهريًا في ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يجعل مقترح الحكم الذاتي المغربي غير مقبول لدى الجانب الجزائري ومناصري القانون الدولي.
وعام 2022، دعت الجزائر إلى استئناف “المفاوضات المباشرة” بين المغرب وجبهة البوليساريو لحل النزاع في الصحراء الغربية المحتلة، معتبرة أنّ الحل المنشود يجب أن “يضمن تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وعقيدتها في مجال تصفية الاستعمار”.
ومحمد السادس لا يجهل أن الحل التوافقي والحق والشرعية لا يضمنهم سوى حق تقرير المصير.
وفي الوقت الذي يشير فيه الخطاب الملكي إلى نوايا للتقارب، يرى مراقبون أن المغرب يتحمل مسؤولية مباشرة في التدهور الحاصل، خصوصًا بعد تطبيعه مع الكيان الصهيوني، وهو قرار لا يمكن فصله عن أسباب القطيعة، وفق ما صرح به مسؤولون جزائريون سابقًا.
كما أن المغرب فضل، وفق ذات المراقبين، التركيز على تقويض نفوذ الجزائر في المحافل الدولية، بدل إعادة تقييم سياساته الإقليمية، ما يجعل دعوات “مد اليد” تفتقد إلى المصداقية الفعلية، رغم اللغة التصالحية.
الملك محمد السادس أعاد الحديث عن الاتحاد المغاربي بعد غياب طويل، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يُبنى دون الجزائر والمغرب.
وردًا على ذلك، تؤكد الجزائر أن لا أحد تم إقصاؤه من هذا التكتل، بل إن “من أقصى نفسه هو من يتحمل مسؤولية الغياب”، في إشارة إلى سياسات المملكة المغربية، حسب تصريحات سابقة للرئيس عبد المجيد تبون.
ويوم 17 فبراير 1989 تأسس الاتحاد المغربي ويتألف من 5 دول: المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا، ويهدف إلى فتح الحدود بين الدول الخمس، لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.
وختم الخطاب الملكي بتأكيد ما سماه “التمسك بالحوار والتعاون”، لكن يبدو أن واقع العلاقات الثنائية لا يزال مرهونًا بمواقف وخيارات لم تتغير جذريًا منذ سنوات، خصوصًا بشأن قضايا حساسة على رأسها القضية الفلسطينية والصحراء الغربية.