قضية “الحاجة عوالي” التي هزّت الجلفة: بين الطب الشعبي والمسؤولية القانونية

أخبار بلا حدود- هزّت قضية العجوز الجزائرية الحاجة عوالي، البالغة من العمر 85 عامًا، الرأي العام وشبكات التواصل الاجتماعي بعد صدور حكم ابتدائي بسجنها لثلاث سنوات نافذة، على خلفية وفاة امرأة كانت تخضع لجلسة علاج شعبي بمنزلها بولاية الجلفة.

وهي القضية التي أثارت جدلًا واسعًا بين من ينادي بضرورة تطبيق القانون، ومن يطالب بمراعاة سنّ العجوز وظروفها الصحية.

القضية تعود إلى أكثر من عامين، حين قصدت امرأة منزل “خالتي عوالي” في حي أولاد عبيد الله طلبًا للعلاج الشعبي المعروف باسم “التعراق”، وهي ممارسة تقليدية تلجأ إليها بعض النساء بهدف الحمل أو علاج آلام نسائية.

وبحسب مقربين من العجوز، فقد سألت المرأة عن حالتها الصحية وما إذا كانت تعاني من أي مشكلات أو أمراض، إلا أن الأخيرة أنكرت وجود أي مرض بدافع رغبتها الكبيرة في الإنجاب.

وخلال الجلسة، لم يتحمّل جسدها الحرارة المرتفعة الناتجة عن العلاج الشعبي، ما أدى إلى مضاعفات خطيرة انتهت بوفاتها.

ورغم وقوع الحادثة، لم تُفتح القضية بشكل فوري، وظل الملف قيد التحقيق لعدة أشهر قبل إحالة الحاجة عوالي إلى العدالة بتهمة إزهاق روح دون قصد، وهي التهمة التي انتهت بالحكم الابتدائي بالسجن النافذ لمدة ثلاث سنوات.

• مع صدور الحكم، انقسمت الآراء في الشارع الجزائري:

فريق يرى أن معاقبة العجوز ضرورة لوقف ممارسات شعبية قد تسبب مشاكل صحية خطيرة، وتؤدي إلى مآسٍ مشابهة.

وفريق آخر يطالب بالعفو والرحمة مراعاة لسن الحاجة عوالي، مؤكدين أنها لم تكن تحمل نية الإضرار، وأنها مارست ما دأبت عليه طوال حياتها بنيّة المساعدة.

الكثيرون يعتبرون أن القضية ليست مجرد ملف قضائي، بل قضية اجتماعية وإنسانية تحتاج إلى “روح القانون” لا إلى نصوص جامدة، خاصة أن امرأة تجاوزت 85 عامًا قد لا تحتمل عقوبة سجن قاسية في هذا العمر.

• “التعراق”.. ما هو ولماذا يلجأ إليه البعض؟

التعراق هو ممارسة شعبية قديمة متجذرة في بعض المناطق الجزائرية والمغاربية، وتعتمد على تعريض جسد المرأة لبخار شديد الحرارة، أحيانًا مصحوبًا بأعشاب تقليدية، بهدف علاج:

• صعوبات الحمل
• مشاكل الرحم
• آلام نسائية متوارثة

ورغم اعتقاد الكثيرين بفاعليته، فإن هذا الأسلوب يحمل مخاطر صحية حقيقية، خصوصًا لمن يعانون من:

• أمراض القلب
• ضعف المناعة
• مشاكل التنفس
• أمراض مزمنة

وفي حالات نادرة، قد تؤدي الحرارة العالية إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة، كما حدث في هذه القضية.

•  القضية أمام القضاء… وعيون الجزائريين تترقب

لا يزال الملف محل دراسة في مرحلة الاستئناف، وسط آمال بأن يجد القضاء حلًا عادلًا يراعي:

• حق أسرة الضحية في معرفة الحقيقة
• ظروف العجوز الصحية وسنّها المتقدمة
• غياب أي نية للإضرار

وتبقى القضية تذكيرًا قويًا بأهمية رفع الوعي الصحي وتقديم بدائل آمنة، كي لا يكون الأمل في العلاج سببًا في مأساة جديدة، ولكي يبقى ميزان العدالة قائمًا دون ظلم أو قسوة.