أخبار بلا حدود- مثلما كان منتظرا، أصدرت وزارة التربية الوطنية، يوم 12 أوت الجاري، بيانًا رسميًا أعلنت فيه عن تعديل رزنامة الدخول المدرسي للسنة الدراسية المقبلة 2025-2026، إذ حددت التواريخ الجديدة لالتحاق كل من الموظفين الإداريين والأساتذة بمناصب عملهم، وعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، مع تأكيدها على أن باقي ما ورد في الرزنامة السابقة يظل دون تغيير.
ويعد هذا التعديل فرصة لإعادة ترتيب الأولويات وضمان دخول مدرسي وطني ناجح ومريح على كافة الأصعدة، ويضمن بذلك سيرا سلسلا للدروس خاصة خلال الأسابيع الأولى من الدخول، دون الوقوع في مشكل التذبذب.
لكن نجاح هذه الانطلاقة لن يكتمل إلا بتأمين كل المتطلبات البيداغوجية واللوجيستيكية، وعلى رأسها الكتاب المدرسي، وعليه، فإن أفراد الجماعة التربوية يقترحون على الوصاية ضرورة إرفاق الرزنامة المعدلة والمتممة، بمراسلة رسمية تتضمن بندا صريحا يلزم المؤسسات التربوية بوضع “برنامج مداومة” إدارية منتظم، طيلة فترة ما قبل العودة إلى مقاعد الدراسة، من خلال تخصيص “فرق مناوبة”، تسهر على الاستقبال السلس لشحنات المناهج الدراسية عموما وعلى رأسها كتاب مادة اللغة الإنجليزية الجديد الموجه لتلاميذ الأولى متوسط، وتوزيعها على التلاميذ أو أوليائهم في آجال مضبوطة.
وبناء على ما سبق، فإن الوزارة الوصية، ومن خلال البيان الصادر عنها، لم تفصح عن الأسباب التفصيلية لهذه التغييرات المدرجة على تواريخ العودة إلى مقاعد الدراسة واستئناف العمل، ولم تكشف عن مغزى التعديل، إلا أن متابعين للشأن التربوي يرجّحون أن الأمر يرتبط بعدة عوامل، من بينها الحاجة إلى فترة أطول لإتمام التحضيرات البيداغوجية والتنظيمية للمؤسسات التربوية، إلى جانب ضمان توزيع أفضل للموارد البشرية بعد الحركة النقلية السنوية للأساتذة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مختلف عمليات الصيانة وتجهيز المدارس لاستقبال 11 مليون تلميذ، تقتضي توفير الوقت الكافي لاستكمالها دون “بريكولاج”، فضلا عن الحالة المناخية التي تشهدها عديد ولايات الوطن على غرار ولايات الجنوب والجنوب الكبير والتي تصل بها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تقتضي أيضا تأخير الدخول للمحافظة على صحة وسلامة المتمدرسين خاصة صغار السن، الذين قد يصابون بأمراض خطيرة، عقب تعرضهم لأشعة الشمس.
وعلاوة على ذلك، يرى خبراء أن هذه الخطوة، تعكس حرص الوصاية على تهيئة ظروف عمل ملائمة للطاقم التربوي والإداري، وتفادي الانطلاقة المتعثّرة للموسم الدراسي القادم، خاصة في ظل ما يعرفه القطاع من تحديات متعلقة بحالات الاكتظاظ ونقص بعض التخصصات في الأطوار التعليمية المختلفة، بسبب “مخلفات حركة التحويلات السنوية” الأخيرة والمعلن عن نتائجها نهاية شهر جويلية الفارط، والتي أسفرت عن “نقل جماعي” للمربين في بعض المواد، على غرار العلوم الطبيعية والرياضيات واللغات الأجنبية.
- الكتاب المدرسي في صلب الاهتمام
وإلى ذلك، أبرزت مصادرنا أن المداومة الإدارية لا تقتصر أهميتها على الجانب اللوجستيكي فقط، بل تشكل حلقة أساسية في الاستعداد التربوي للموسم الدراسي الجديد، إذ يسمح التوزيع المبكر للكتاب المدرسي للأساتذة، بإعداد الدروس بشكل متكامل منذ اليوم الأول للدخول، كما يمنح المتعلمين فرصة للتعرف على محتوى المقررات الدراسية والتحضير النفسي والذهني للعودة إلى مقاعد الدراسة.
ومن هذا المنطلق، أوضحت مصادرنا أن التجربة الميدانية في السنوات الماضية، قد أظهرت أن غياب المداومة الإدارية في كثير من المؤسسات خلال العطلة الصيفية، يؤدي إلى تراكم شحنات الكتب بالمخازن الجهوية أو على مستوى المدارس، مع تأخر في التوزيع قد يمتد إلى منتصف أكتوبر في بعض الحالات، هذا الوضع كان يتسبب في خلق ضغط على الطاقم التربوي، ويضعف الانسجام البيداغوجي بين الأقسام التربوية.
كما أن عدم وجود موظفين إداريين، أو أعوان مكلفين بالمداومة يجعل استقبال الكتاب المدرسي، متعذرًا في حال وصوله خارج أوقات العمل الرسمية أو خلال فترات الغلق التام للمؤسسات، ومن هنا تأتي أهمية اعتماد “برنامج مداومة” صارم ومنظم، يحدد فيه مدير المؤسسة التعليمية توقيت الحضور، وتكليف موظفين بالتناوب لضمان الاستقبال والتوزيع دون انقطاع.
وبخصوص الكتاب المدرسي ومزايا توفره بالمدارس في الوقت المناسب، أظهرت مصادرنا بأنه يساعد على الحد من ظاهرة تسريب المناهج التربوية عبر الأسواق الموازية أو المواقع الإلكترونية بشكل غير رسمي، ما يحافظ على حقوق التأليف والطباعة ويحمي السوق الوطنية للكتاب المدرسي، خاصة، أن الكتاب المدرسي في الجزائر، ليس مجرد وسيلة تعليمية، بل يعد حقًا مكفولًا للتلميذ، خصوصًا في ظل مجانية التعليم، ولأن نسبة معتبرة من الأسر ذات دخل محدود، فإن التأخر في الحصول على المراجع يضطرها في بعض الأحيان لشراء نسخ من السوق بأسعار مرتفعة، وهو ما يثقل كاهلها المالي.
واستخلاصا لما سبق، يقترح مهتمون بالشأن التربوي، ثلاثة حلول لإنجاح الموسم الدراسي، إذ طالبوا بضرورة أن تحرص مديريات التربية للولايات على تكثيف الرقابة على المؤسسات التربوية وضمان تنفيذ برامج المداومة، ليقوم المديرون من جهتهم بتخصيص موظفين لاستقبال وتوزيع الكتب، وتبليغ الأولياء بمواعيد الاستلام، على أن يسهر الأولياء بالتفاعل الإيجابي والتقيد بالمواعيد المحددة لتفادي الاكتظاظ أو الفوضى.
وتجدر الإشارة، إلى أنه قد تم اتخاذ قرار بتأخير التحاق الموظفين الإداريين بمناصب عملهم إلى 7 سبتمبر الداخل بدل 26 أوت 2025، إلى جانب تأجيل التحاق الأساتذة بمؤسساتهم إلى الـ14 من نفس الشهر، وتمديد عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة إلى غاية الـ21 سبتمبر بدل الـ10 منه.
وزارة التربية الوطنية تعدل رزنامة الدخول المدرسي للسنة الدراسية 2025-2026