سميرة بيطام: دخول اجتماعي جديد على الأبواب.. ماذا عن قطاع الصحة ؟

سميرة بيطام
 

أخبار بلا حدود- أيام قليلة وتنطلق حركة الحياة المهنية  لتدب على مستوى الأقسام الدراسية ومكاتب العمل عبر مختلف مؤسسات الدولة، نظام عملي متجدد يسوده التحضير النفسي والمعنوي والتأهب لخوض  غمار العمل على نسق  مختلف تماما عن نسق العطلة الصيفية المتسم بالراحة والسفر لزيارة الاهل والأحباب على مسافات بعيدة أو من أجل قضاء أيام بعيدا عن الروتين اليومي في الجزائر.

دخول اجتماعي ارتبط اسمه بقطاع التربية والتعليم العالي  أكثر من غيره  من القطاعات  الأخرى، ربما لأن شريحة التلاميذ والطلبة هم أكثر الفئات ارتباطا بمواعيد محددة مع أي دخول اجتماعي ، لكن  ماذا عن قطاع الصحة ، وهل مستخدمي الصحة هم أيضا ملتزمون بالالتحاق بمناصب عملهم لمواكبة الحركة الجديدة والمتجددة ككل دخول اجتماعي  جديد  من غير البحث عن ظروف البيئة المهنية ان ما كان الجديد سيطالها أم لا؟

 فعلى مر سنوات ماضية كان مستخدمو الصحة يطالبون بتحسين أوضاعهم المهنية ويرافعون دائما ولا زالوا  ولو بصورة أقل حدة مما كانت عليه من قبل، وهذا للمطالبة بحقوقهم التي لا زالت قيد الانتضار .

صراحة ارتبط عنوان مقالي بتحسين  القطاع يعني إضفاء الجديد عليه ، ومن المفروض على جميع المستويات ، مهنية كانت أو تكوينية ( تدريبية) ، طبية كانت أو شبه طبية أو إدارية،  اذ لا ينقطع الترابط بين رتبة ورتبة أخرى، لأن الكل يعمل ويجتهد في تلاحم وتنسيق واضح الأبعاد بين مستخدمي الصحة الذين كانوا في زمن مضى يتفقون على الإضرابات كتعبير مشروع عن ضرورة تلبية مطالبهم ، والحمد لله ، القطاع لم يعد يشهد مثل هذا التمثيل المهني لأبناء القطاع في مطالبة صريحة لحقوقهم وتحسين ظروف العمل على النحو الذي يتطلعون اليه .

ففي السنوات الأخيرة صدرت قوانين قللت من ظاهرة العنف على مستوى المستشفيات ، كما نصت على محفزات مالية قدمتها الدولة للجيش الأبيض والتي حتى وان لم تكن كافية، لكنه اعتراف  صريح من رئيس الجمهورية وعلى لسان وزير الصحة  أن الدولة تدعم وترافق جهود الجيش الأبيض بعناية تتطلبها طبيعة المرحلة التي مر عليها الجزائريون أيام جائحة كوفيد 19.

لكن، ونحن على أعتاب  دخول اجتماعي جديد ، يقف المهمشون وقفة صمت لا تبرره أي كلمة كونهم كانوا  موظفين  توم عزلهم  من مناصبهم أو تم تحييدهم عن مهامهم تعسفا من طرف إدارة تصدر قراراتها بطريقة ارتجالية وغير مدروسة الوقائع  ولا الأبعاد، ليصبح الموظف المعزول  كشخص محروم من حقه في العمل يترقب مع أي دخول اجتماعي التفاتة أو إقرار بأحقية مراجعة مثل هذه السلوكات  وفق ما ينص عليه قانون (90-11) المتعلق بعلاقات العمل  والذي ينص في مادته الخامسة مجموعة من الحقوق الأساسية التي من حق العامل أ ن يتمتع بها منها على الخصوص الحق في المساهمة في الوقاية من نزاعات العمل وتسويتها .

وبالتالي،  فان مراجعة  السلوكات الإدارية  لبعض المسؤولين  من مدراء عامون ومدراء ورؤساء مصالح  والتي خرجت من اطارها القانوني بمثابة وقوف على احدى مشكلات التسيير في قطاع الصحة ، والذي كان في حقبة زمنية سابقة  غير محاط بالمراقبة والمتابعة الكافية من الجهة الوصية  للقرارات التعسفية ، على عكس ما هو معمول به في الدول المتقدة، أين تكون الأولية في مراجعة حقوق العمال للفئة التي تعرضت للتعسف ، من منطلق احترام حقوق الانسان وحمايتها من أي  اجحاف أو ظلم.

ومما حظي به مستخدمو الصحة من اهتمام ورعاية على مستوى حكومي ، نجد على سبيل المثال مخرجات مجلس الوزراء بتاريخ 22 ديسمبر 2024، والذي تمت المصادقة من خلاله على القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية لمهني قطاع الصحة، والتي كانت نتيجة عمل نوعي كما ورد في بيان الاجتماع، بحيث شارك  فيه  مختلف إطارات الشركاء الاجتماعيين وممثلي الإدارات وكذا الهياكل، وهو ما يوضح مبدأ المشاركة الجماعية ،ويا حبذا لو طُبق هذا المبدأ على إدارات المستشفى التي تعرف في جوانب عملية اقصاء لبعض العناصر التي يمكن أن تقدم الجديد في اقتراح حلول لمشاكل العمل من خلال ما تملكه من جاهزية وفاعلية مهنية لا يمكن انكارها تحت أي طائل من الأسباب المفتعلة ،فبعض الظواهر التي تتخلل المستشفيات  توصف بالمعرقلة ، كظاهرة الغيابات المتكررة لبعض المستخدمين من غير محاسبتهم أو تطبيق القانون عليهم،  أوالتحويل التعسفي وبقرارات غير مدروسة نحو مصالح أخرى كعقوبة أحيانا للموظف وليس من أجل تحسين الآداء المهني من منظور قانوني أو ما تقتضيه دواعي المصلحة  .

وقد كانت  من ضمن مخرجات اجتماع مجلس الوزراء ، استفادة الممارسين الطبيين المتخصصين من رتبة جديدة في الترقية ومنصب عالي جديد، بالإضافة الى الحق في ضمان خدمات دراسات وخبرات في مجال اختصاصاتهم لصالح نشاطات قطاعات أخرى،  فضلا عن الاستفادة من الاجازة العلمية  لسنة واحدة مع  ادراج أحكام انتقالية للتعيين في درجة ” ممارس طبي متخصص ” ، وهنا أفتح قوس على هذه الإضافة التي هي بحاجة لشرح أكثر عن آليات الترقية للممارس الطبي المتخصص.

كما جاء في مخرجات الاجتماع أيضا استفادة سلكي الصيادلة وأطباء الأسنان من رتبة جديدة للترقية، أما الممارسون الطبيون المفتشون في الصحة العمومية فقد استفادوا من إعادة النظر فيما يخص الترقية، وفي تصنيف المنصب العالي.

لكن ماذا عن مساعدي التمريض والأسلاك المشتركة، هاتين الفئتين اللتان تتساويان مع الفئات الأخرى في أحقية التكوين قصير المدى بالخارج بشكل كاف لمنح الفرصة للتكوين الجيد لاطارات المستقبل، فيما يخص التسيير الإداري ؟ ، ثم لماذا هناك اجحاف في حق هذه الفئتين  ،  أليست هذه الفئات المحرومة  جديرة بالاعتراف بحقوقها؟، أم أن الإضافات التي تخصهم ستكون في  مخرج اجتماع مستقل، نظرا لطبيعة نشاط هذه الفئة.

 لكن لا نفوت الفرصة قبل التذكير بدور الجيش الأبيض أثناء جائحة كورونا ،والذي كان مرفوقا بتواجد السلك الإداري  أيضا على مستوى المكاتب الادراية، وبالتالي، فان دور هذه  الفئة لا يستهان به في حفظ التوثيق الإداري لكل اجتماع ونشاط يخص الأطباء والممرضين وغيرهم، يعني مهام  السلك الإداري هو حافظ النشاطات بصفة يومية وأحيانا بتكثيف ساعات العمل حينما تستدعي ذلك ضرورة المصلحة.

لأعود وأقول أن هناك من الفئات  التي تنتمي لقطاع الصحة من  تشعر أنها لم تستوفي حقها كاملا  تحت أي ذريعة كانت ولأي سبب من الأسباب، فاذا كان القانون ناقصا من حيث استيعاب وكفالة هذه الحقوق للفئات المحرومة ، فيُفترض أن يُعدل القانون المنظم  بما يضمن  قيمة الحقوق المهنية التي منحها قانون الصحة المعدل  بصفة عامة وسط ارتفاع مهني وعلى مستويات مختلفة  للمطالبة بالتعويض الشامل وكذا التقاعد النسبي المسبق، وغيره من المطالب التي يجب أن تخضع أولا للدراسة .

مع دخول اجتماعي جديد ، نتمنى أن يحظى مهنيو القطاع بالجديد وبتحسين ظروف العمل، وأتمنى لهم دخولا اجتماعيا موفقا مليئا بالنشاط والتفاؤل والجد..

فاذا كان المسمى دخولا اجتماعيا جديدا، يُفترض أن يكون البرنامج والمضمون كذلك جديدا ومتجددا.

سميرة بيطام: قطاع الصحة الجزائري النقائص في حبكة المساءلة القانونية

الأستاذة: سميرة بيطام

حقوق النشر :

إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.

نموذج الإتصال

أية استفسارات أو نقاشات يرجى طرحها أسفله في خانة التعليقات و المناقشات.

شاهد أيضاً

لخضر بن العيطر

مشاهد الجوع في التغريبة الفلسطينية ما أشبه الخيال بالحقيقة – مقال لخضر بن العيطر

مات حاتم علي. مات حاتم علي وترك لنا التغريبة. مات خالد تاجا وترك لنا بكاءهُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!