تناقض المواقف الغربية تجاه سوريا: بين العقوبات وملف اللاجئين بعد سقوط نظام الأسد

تناقض غربي اتجاه سوريا في ملف العقوبات والتعامل مع اللاجئين

أخبار بلا حدود- بعد نجاح الثورة السورية في 8 ديسمبر 2024 في إسقاط نظام حكم عائلة الأسد، بعد أكثر من ثلاثة عشر عاما من القتل والمعاناة، تسعى الحكومة السورية الجديدة اليوم جاهدة لإقناع الدول الغربية بجدوى رفع العقوبات وضرورة تدارك الأزمات الخانقة المتلاحقة التي تعاني منها البلاد على مدى سنوات.

حيث أعربت القيادة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، في أكثر من مناسبة عن تطلعهم إلى رفع العقوبات بشكل كامل كجزء من خطوات تدعم السلام والازدهار في سوريا والمنطقة، وإعادة بناء العلاقات مع المجتمع الدولي للحصول على اعتراف دبلوماسي أوسع في الوقت الذي تتحرك فيه لتحقيق الاستقرار في البلاد.

الا أن مؤشرات عدم الرضا الأوروبي عن الإدارة الجديدة ظهرت في الرفع الجزئي للعقوبات عن سوريا، وليس الكلي كما تطالب دمشق، والإبقاء على هيئة تحرير الشام في قوائم الإرهاب، وانعدام الثقة في قدرة النظام على ضبط الأمن، وتعمل الدول الأوروبية جاهدة على استغلال ملف العقوبات، لتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة.

وهذا الأمر يتناقض مع الخطط الأوروبية في ترحيل اللاجئين الى سوريا، حيث أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء استمرار تجميد المملكة المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي عشرات آلاف طلبات اللجوء لمواطنين السوريين، معتبراً أنّ هذا التجميد الجماعي يُشكل انتهاكًا للقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمبدأ عدم الإعادة القسرية، في ظل عدم توفر الظروف المناسبة للعودة إلى سوريا في الوقت الراهن.

وأظهرت مسودة وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي اطلعت عليها وكالة “رويترز”، أن عدم الاستقرار السياسي والأمني في سوريا يشكل تهديداً متزايداً لأمن دول الاتحاد، ووفقا للمسودة، فإن تطورات الوضع الأمني في سوريا يمكن أن تؤدي إلى عودة ظهور الجماعات الجهادية في المنطقة.

ويقول المختص في الشؤون السياسية السورية أحمد سلطان الأحمد، إن الوضع الأمني والسياسي في سوريا، في ظل الانقسام المستمر وفوضى السلاح والنزاعات، يمهد لواقع ميداني يعزز نشاط التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم “دا//عش” الإرهابي، وعدم رفع العقوبات يتعارضان مع المساعي الغربية في إعادة اللاجئين إلى سوريا.

وبالعودة إلى ملف العقوبات شهدت العاصمة الفرنسية باريس، لقاءاً بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيرة السوري أحمد الشرع، في خطوة مهمة تجاه الحكومة السورية الجديدة، وأعراب ماكرون عن تأييده لمواصلة الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية الأوروبية” إذا تمكنت السلطات الحاكمة من تحقيق الاستقرار في سوريا.

وبالنظر إلى اللقاء، تسعى فرنسا عن طريق إعادة سوريا إلى المسرحين الأوروبي والعالمي، الى تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية، فعودة نفوذها إلى أي بقعة في العالم، جزء مهم من استراتيجيتها، التي تعززت اليوم بعد خروجها خالية الوفاض من الساحة الافريقية وبالتالي لم يعد أمامها إلا التركيز على تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى المحلل السياسي أحمد عبدالله بأن التحركات الفرنسية الأخيرة تعكس سعي الدول الأوروبية في ربط ملف العقوبات لخدمة مصالحهم في سوريا، الأمر الذي يحمل تداعيات مباشرة على الشعب السوري، بغض النظر عن الوضع الحالي، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة في سوريا.

وأضافة أحمد عبدالله، إلى أن ملف العقوبات لا يحظى باعتبار كبير لدى الدول الأوروبية، الأمر الذي سيدفع الحكومة السورية الجديدة إلى اعتماد سياسة الانفتاح تجاه مختلف الدول العربية والعالمية، خصوصاً مع تأكيدات كل من تركيا وروسيا ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ودعمهم للإدارة السورية الجديدة، سياسياً واقتصادياً، من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد.

وبهذا السياق، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على موقف بلاده من العقوبات المفروضة على سوريا، قائلاً: ” أكدنا للأمم المتحدة ضرورة رفع العقوبات عن سوريا على الفور، مضيفا أن بلاده ستواصل الضغط لإلغاء هذه العقوبات الأحادية التي يرى أنها تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في سوريا، وأوضح أن هذه العقوبات لم تضر ببشار الأسد وحكومته، بل أضرت بالشعب السوري، وسنطرح هذه المسألة وسنسعى إلى رفع هذه العقوبات الأحادية الجانب دون أي شروط.”

ويرى المحلل السياسي أحمد عبدالله، إلى أن التصريحات الروسية تدل على وجود رغبة مشتركة بين الجانب الروسي – السوري في تعزيز العلاقات استنادًا إلى أسس التعاون والتفاهم والمصلحة المشتركة، بعيدًا عن الماضي بين الطرفين.

حقوق النشر :

إذا كنت تعتقد بأنه قد تم نسخ عملك بطريقة تشكل انتهاكاً لحقوق التأليف والنشر، يرجى إتصال بنا عبر نموذج حقوق النشر.

نموذج الإتصال

أية استفسارات أو نقاشات يرجى طرحها أسفله في خانة التعليقات و المناقشات.

شاهد أيضاً

كلمة الرئيس الجزائري كاملة في القمة العربية بالعراق

بالفيديو: النص الكامل لكلمة الرئيس الجزائري خلال اجتماع القمة العربية في العراق

أخبار بلا حدود- قال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إننا في الجزائر نعتقد أنه لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!