ملف الهجرة السرية: اسبانيا تتجه نحو التصعيد ضد الجزائر وتلجأ للإتحاد الأوروبي

ملف الهجرة السرية اسبانيا تتجه نحو التصعيد ضد الجزائر وتلجأ للإتحاد الأوروبي

أخبار بلا حدود – طالبت تقرير إسباني من حكومة مدريد معالجة ملف الهجرة غير القانونية مع الجزائر في إطار الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي- الجزائر وليس بشكل ثنائي.

وتمر العلاقات بين البلدين بأزمة شائكة نتيجة موقف مدريد المؤيد للحكم الذاتي في نزاع الصحراء الغربية.

وتحتضن مركز التفكير الاستراتيجي، ريال إيلكانو الإسباني مؤسسات رسمية، وهو يقدم المشورة غير المباشرة للحكومة ومؤسسات مثل الجيش والخارجية التي تعتمد أبحاثه وتوصياته.

وفي هذه الورقة التي جاء نشرها منذ أيام بعنوان: “الأزمة بين إسبانيا والجزائر وتأثيرها في علاقات الهجرة” تؤكد على ضرورة تدويل ملف الهجرة أوروبيا.

ويصنف التقرير الجزائر “بالفاعل الرئيسي في السياسة الإسبانية لإدارة تدفقات الهجرة من إفريقيا، حيث ظل التعاون بين البلدين موجودا منذ سنوات عديدة، مما أدى إلى انخفاض الهجرة غير النظامية من الجزائر إلى إسبانيا، لكن هذا التعاون توقف نتيجة لتغيير موقف الحكومة الإسبانية فيما يتعلق بالصحراء الغربية”.

وتبرز كيف انعكست الأزمة السياسية سلبا على ملف الهجرة، ولم تعد الجزائر تراقب الهجرة غير النظامية، ويتفاقم الوضع من خلال هجرة الأفارقة الذين يمرون من الجنوب الجزائري إلى المغرب، حسب التقرير الإسباني.

وتبرز الورقة البحثية كيف أن إسبانيا لم تكن أبدا هدفا لهجرة الجزائريين، بل كانوا يقصدون فرنسا لأسباب لها علاقة بالارتباط الاستعماري ووجود جالية جزائرية ضخمة.

وتستدل بأرقام تفيد بعدم تجاوز عدد الجزائريين المسجلين في إسبانيا 70 ألف مقيم حتى السنوات الأخيرة، مقابل 800 ألف مغربي، لكن الرقم بدأ يرتفع نتيجة الهجرة لا سيما غير النظامية التي تجاوزت المغربية سنة 2021 بأكثر من الضعف.

وعكس المغرب وتونس وليبيا التي وقّعت مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تدبير تدفقات الهجرة، رفضت الجزائر توقيع اتفاقيات مماثلة.

ويفسر المركز موقف الجزائر بعاملين وهما: عدم اهتمام الجزائر بمحاربة حقيقية للهجرة خاصة القادمة من إفريقيا، فهي لا تريد إزعاج الدول الإفريقية باتفاقيات إعادة المهاجرين، بينما العامل الثاني يتجلى في أن المتضرر من الهجرة الإفريقية هو المغرب؛ لأن الجزائر تبقى نقطة عبور فقط.

ويترتب على تجميد التعاون بين إسبانيا والجزائر، الإفراج مباشرة عن المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى شواطئ إسبانيا طالما القانون يمنع الاحتفاظ بالمهاجرين الذين لا يمكن ترحيلهم إلى أوطانهم.

ومن نتائج تجميد التعاون، ارتفاع وصول المهاجرين إلى المناطق البحرية القريبة من الشواطئ الجزائرية مثل ألمرية في الأندلس وشواطئ إقليم مورسيا.

وبهذا، وفق المركز، تواجه إسبانيا في وقت واحد سياسة تراخي الجزائر في محاربة الهجرة وارتفاع المهاجرين الذين يفرون من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويوصي المركز بضرورة لجوء إسبانيا الى المؤسسات الأوروبية لمعالجة ظاهرة الهجرة السرية مع الجزائر طالما تحولت إلى سلاح، ويبرر الرهان على الاتحاد الأوروبي لأن حماية شواطئ إسبانيا ضد الهجرة تتعدى المصالح الوطنية الإسبانية إلى المصالح الأوروبية عموما.

وإلى جانب مضمون التقرير، تجد إسبانيا صعوبات جمة في مواجهة الأزمة مع الجزائر، وتتجلى في قرار الجزائر وقف المبادلات التجارية منذ يونيو الماضي باستثناء صادرات الطاقة، ولم يتحرك الاتحاد الأوروبي للدفاع عن مصالح إسبانيا.

في الوقت ذاته، يوجد خلاف بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية الشراكة الموقعة بين الطرفين سنة 2002، إذ ترغب الجزائر في التخلص منها بسبب الخلل في التبادل الذي يصب في صالح الأوروبيين.

وتزداد رغبة الجزائر بسبب نيتها التعاون الاقتصادي أكثر مع دول مثل الصين وتركيا.

وكانت إسبانيا قد طرحت في قمة الحلف الأطلسي في مدريد منذ أسبوعين ضرورة معالجة الهجرة بمنظور أمني عندما تتحول إلى سلاح من طرف دول ثالثة.

اقرأ اكثر

ويوم 08 جوان 2022، أعلنت الجزائر عن تعليق “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” وتجميد المعاملات التجارية مع إسبانيا بعد تغيير موقفها بشأن الصحراء الغربية لدعم موقف المغرب.

وأشارت إلى أن “السلطات الإسبانية باشرت حملة لتبرير الموقف الذي تبنته إزاء الصحراء الغربية والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية كقوة مديرة للإقليم والتي لا تزال تقع على عاتق مملكة إسبانيا إلى غاية إعلان الأمم المتحدة عن استكمال تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية”.

وأعربت مصادر دبلوماسية إسبانية عن أسف مدريد لقرار الجزائر تعليق معاهدة التعاون بين البلدين.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن تعليق الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا، ودعاها إلى إعادة النظر في هذا القرار وحل الخلافات عبر القنوات الدبلوماسية.

وأفادت مصادر دبلوماسية إسبانية بأن وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، توجه إلى بروكسل لبحث الأزمة الدبلوماسية بين إسبانيا والجزائر.

ونقلت وكالة أنباء “إفي” الإسبانية عن هذه المصادر قولها: “يغادر وزير الخارجية​​​.. متوجها إلى بروكسل لبحث الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية للتجارة والاقتصاد، فالديس دومبروفسكيس”.

وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، قد صرح بأن الحكومة الإسبانية تعكف على تحليل العواقب التي أسفر عنها قرار الجزائر بتعليق معاهدة الصداقة ومنع المؤسسات المصرفية في البلاد من القيام بعمليات الاستيراد والتصدير مع البنوك الإسبانية وأنها تنوي الرد “بحزم”.

وتوترت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا مطلع شهر مارس الماضي على خلفية الموقف الإسباني المستجد من أزمة الصحراء الغربية والذي أثار غضب الجزائر، حيث أظهرت إسبانيا ميلها للطرح المغربي، مما دفع الجزائر لتحميل إسبانيا مسؤولية توتر العلاقات، بسبب ما وصفته بتنصل سياسي وأخلاقي من المسؤوليات التاريخية لإسبانيا بصفتها المستعمر السابق للمنطقة.

كما عبرت الجزائر عن غضبها من تعليق “وُصف بغير المقبول” من قبل وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس،والذي يعتبر مساسا بشخص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وكان الرئيس تبون قد طمأن الأسبان حول مصير اتفاقية الغاز، مؤكدا أن الأزمة التي تشهدها العلاقات الرسمية بين البلدين لن تؤثر على إمدادات الجزائر لأسبانيا، في حين أكد في تصريحات لاحقة عدم عودة السفير الجزائري بمدريد بعد سحبه، معتبرا أن وقت عودته لم يحن بعد باعتبار أن معطيات سحبه لازالت قائمة.

وقد غيرت مدريد من موقفها تجاه الأزمة في الصحراء الغربية بعدما كان منسجما مع الطرح الجزائري، الذي يعتبر أن الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في إفريقيا.

شاهد أيضاً

تغييرات رئيسية في وزارة الدفاع الروسية وعلاقتها بالفيلق الإفريقي

تغييرات رئيسية في وزارة الدفاع الروسية وعلاقتها بالفيلق الإفريقي

أخبا بلا حدود- في تغيير كبير للقيادة العسكرية الروسية اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعيين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *